بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمدا كثيرا و الصلاة و السلام على من جاءنا مبشرا و نذيرا و على آله و صحبه و سلم تسليما كثيرا . . . أما بعد ،
حديثنا اليوم عن شاب من شباب الصحوة الجهادية فى مصر و هو عمرو محمود عباس و هو أيضا أسير فى سجون طاغوت مصر .
ولد عمرو محمود عباس فى مدينة القاهرة فى حى شعبى من أحيائها و هو حى الزاوية الحمراء الشهير بالأحداث التى وقعت فى السبعينيات من القرن الماضى بين عوام المسلمين و النصارى و ذلك فى فترة حكم الطاغوت الهالك أنور السادات .
تمتع الطفل الصغير عمرو بوالده فترة قصيرة ثم ما لبث أن أصبح يتيما فى سن مبكرة جدا و لم تعلق بذاكرته سوى بعض أطياف ذلك الوالد . . فى ذلك الحى الشعبى - كسائر الأحياء الشعبية المصرية - ترعرع على أخلاقيات الشهامة و الرجولة التى كانت تعنى الكثير فى ذلك المجتمع الجاهلى فلقد بقيت هذه الأخلاق تحافظ على العلاقات بين العوام هناك و كانت أسرته متوسطة الحال لا هى فقيرة و لا هى ثرية بل كانت بين بين فأمضى الفتى عمرو عباس فترة صباه و مراهقته و بدايات شبابه فى ذلك البين بين .
كانت أسرته تمارس طقوس و عبادات توارثتها عبر الأجيال و لم يكن عمرو ممن يهتم كثيرا بتلك الطقوس فلم يكن يوما مواظبا إلى الصلاة و كان سب الدين شائعا فى بيئته لذلك كان جاريا على لسانه كأنما يتنفسه و لكن كان ابن خالته محمود -الذى كان يكبره بعدة سنوات - شابا متفردا فلقد كان يسمع الجميع ينادونه بالشيخ محمود فهو كان منتميا للجماعة الإسلامية المصرية و كان عمرو ينظر لابن خالته نظرة إكبار و لكن لم يلبث الشيخ محمود كثيرا بينهم حيث تم اعتقاله من قبل الأمن المصرى و أمضى بالمعتقل ما يقارب العشر سنوات . . ترك الشيخ محمود بذرة داخل قلب عمرو حيث كانت تنتظر الظروف المواتية .
اتصل ليل عمرو بنهاره مصاحبا لمجموعة من الشباب أمثاله ما بين النصرانى و المسلم فلم يكن هناك فرق بينهم فهم يجتمعون على الخمور و المخدرات و المغامرات المتمثلة فى المشاجرات المختلفة و التى عادة ما تكون بالسلاح الأبيض ( مطواة - سنجة - سيف ) و الزجاجات الحارقة و زجاجات ماء النار و أحيانا يتم استخدام الأسلحة النارية و غالبا ما تنحصر فى فرد الخرطوش . . و مضت بعمرو أيامه نائما و لياليه ساهرا فى جلسات المزاج مع أصحابه يعدون خلالها لمشاجرة الغد .
كان عمرو قد أنهى دراسته فى معهد للسياحة و الفنادق و لم يكن ممن يشغله البحث عن عمل فهناك ورشة النجارة التابعة لزوج خالته و التى تعلم فيها فنون نجارة الموبيليا و كان يعمل بالورشة إلى جوار ابن خالته و زوج أخته و كانت الأحوال رائجة حيث كانوا مشهورين بحسن الصنعة و حسن الأخلاق .
كان من أخلص أصحاب عمرو شاب نصرانى اسمه هانى سمير وجيه و كانا لا يفترقان و كان هانى جريئا مقداما شهما و من عائلة نصرانية ثرية و دارت الأيام حتى بدأ هانى يتغير و بدأ يتخلف عن جلسات و مشاجرات أصحابه و هذا بالطبع أمر مستهجن فى بيئتهم و مجتمعهم و هنا ذهب إليه عمرو ليطمئن على صاحبه المقرب هانى فلما قابله أحس أن هناك تغيرا كبيرا و عميقا فى صاحبه و كانت المفاجأة التى هزت أعماق الكثيرين . . هانى يريد الدخول فى الإسلام !!
لله در القائل :
قطرة من فيض جودك تملأ الأرض ريا
و نظرة بعين رضاك تجعل الكافر وليا
كان إسلام هانى هو الماء الذى سقى البذرة التى تركها محمود - ابن خالة عمرو - بل كان الماء الطيب الطاهر الذى غسل قلوب الكثيرين من أصحابه المسلمين الذين كانوا لا يعرفون عن الإسلام سوى أنه شيئ يكتب فى خانة الديانة فى بطاقة الهوية أو أنه بعض الطقوس التى لا يمارسها سوى العجائز .
كان ذلك التحول فى عام 2002م بدأ مجموعة من رفاق هانى يسلمون حقيقة لله مع إسلام هانى و كان من بينهم عمرو الذى كانت به سمات ساعدته على اجتياز مرحلة التحول من الجاهلية إلى الإسلام و كان لا بد من البحث عمن يعلمهم أمور دينهم التى كانوا يجهلونها جهلا تاما .
كانت همتهم فى التعلم عالية فلم يتركوا داعية أو شيخ إلا و طرقوا أبوابه .
بدأ البحث عن طريق للجهاد و هو أحد فرائض الدين التى يجب عليهم القيام بها فكما أنهم يصلون و يصومون وجب عليهم أن يجاهدوا فى سبيل الله .
كان التغير فى حياة الشيخ عمرو محمود عباس كبيرا أحس به الصغير و الكبير . . القريب و البعيد فبعد سهرات المزاج صار قيام الليل و بعد النوم حتى بعد العصر و ترك الصلاة صار حضور الصلوات فى جماعة و خاصة صلاة الفجر . . و بعد الاجتماع مع أصحابه على الفسق و الفجور صار الاجتماع على البر و التقوى و مرضاة رب العالمين . . كان الذهول يملأ أعين و أسماع و عقول أهله و جيرانه . . هل هذا هو عمرو الذى كان و كان . . ثم أصبح و أصبح .
اصطحب عمرو والدته فى رحلة إلى البيت العتيق للقيام بواجب العمرة ، كان يريد التطهر من كل أوزار تلك الحقبة السوداء المطلمة من حياته كان يريد أن يغسل قلبه و أن يستشعر مرضاة ربه . . كان يريد أن يخر لربه ساجدا باكيا عسى ربه أن يتقبله . . كانت أيام العمرة من أجمل أيام حياته التى قضاها على كوكب الأرض .
عاد عمرو عازما على المضى فى هذا الطريق حتى يسقط شهيدا و كان هذا ما عزم عليه إخوانه و على رأسهم الشيخ هانى سمير وجيه .
و للحديث بقية إن شاء الله و قدر . . و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
2010/07/28
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق