بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاة
أيها الإخوة المسلمون في كل مكان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرّت على أمتنا في الفترةِ الأخيرةِ عدةُ أحداث أودُّ أن أُعلق على بعضها, وأبدأ بالتطورات الأخيرة التي حدثت في فلسطين وخاصة الجدال الحاصل حول الوحدة الوطنية وما حولها
فأتساءل: هل غاب عنا مَن هو محمود عباس, ومن هي السلطة الوطنية ؟
هل غاب عنا أنهم مجموعةٌ علمانيةٌ لا تتحاكم للشريعة الإسلامية, وأن مبادئهم التي يزعمونها هي خليط من القومية والعلمانية والنفعية وتقديس الشرعية الدولية ؟
أما واقع حالهم فهو تقديسهم للمصالح الشخصية والتسابق على نهب المال العام وخدمة الصهاينة والأمريكان, وأنهم حتى بمقياس الوطنية والقومية قد خانوا وتنازلوا عن أهم قضية قومية, وأنهم كَذَبَة حتى في ادعائهم أنهم حركة تحرر وطني, فليس هناك حركة تحرر وطني تعترف بشرعية المحتل الغاصب لأرضها
وليس هناك حركة تحرر وطني تتنازل عن تسعة أعشار وطنها
وليس هناك حركة تحرر وطني تعيش كبلدية وجهاز أمن لصالح الاحتلال
وليس هناك حركة تحرر وطني تُسلِم أبناء شعبها لعدوها! وليس هناك حركة تحرر وطني تعقد مؤتمرها العام تحت سلطة ومراقبة وإشراف الاحتلال!
وليس هناك حركة تحرر وطني تعترف بحق المحتل في مراقبة حركاتها وتنقلاتها وينتظر رئيسها ومَن دونه إذن المحتل في كل خطوة يخطونها!
وليس هناك حركة تحرر وطني تقبل بحصار المحتل لأرضها وتوقع الاتفاقيات على ذلك!
وليست هناك حركة تحرر وطني تقبل بأن يُسمّم من يزعمونه أباهم وقائدهم ورمز وحدتهم ونضالهم ثم يتواطؤون جميعهم على تمرير تلك الجريمة والتكتم عليها وطمرها تحت ركام النسيان هل غاب عنا أن محمود عباس هو من ضمن المتنازلين عن تسعة أعشار فلسطين في سلسلة من اتفاقيات الخزي والعار والاستسلام, بداية من اتفاقية أوسلو حتى أنابوليس ولقاء نيويورك الثلاثي الأخير مروراً بواي ريفر وكامب ديفيد واتفاقية مكة
وهل غاب عنا أن محمود عباس هو من وقّع الاتفاقات الأمنية مع العدو الصهيوني, وهو من يعمل تحت إشراف الجنرال دايتون ؟
وهل غاب عنا أن محمود عباس هو من يقتل ويعذب ويدل اليهود على المجاهدين ؟
وهل غاب عنا أن محمود عباس ونائبه -رمز الطهارة والشرف!- محمد دحلان قد اشتركا في إقرار اتفاقية المعابر ؟
وهل غاب عنا أن محمود عباس بناءً على ورقة مصالحة مصرية يصر على أن يُعاد العمل بنفس الاتفاقية الآثمة التي تخنق أهلنا في غزة حتى بعد أن انتهت مدتها ؟
هل غاب عنا أن هذه الزمرة وأشباههم من أمثال مبارك وابن سعود وابن الحسين هم الصهاينة العرب في أبشع صورهم ؟
هل غاب عنا كل هذا وأكثر منه ؟
فلماذا إذاً قُبِل به رئيساً شرعياً لسلطة أوسلو ؟
ولماذا القبول بحكومة تحت رئاسته ؟
ولماذا القبول بمشاركة رجاله في حكومة اتفاق مكة ؟
ولماذا تم تفويضه في نفس الاتفاق على التفاوض باسم الفلسطينيين ؟
ثم أليس ما أعلنه محمود عباس أخيراً عن رغبته في عدم الترشح لانتخابات الرئاسة تشبه غضبة الشريف حسين ابن علي ضد أسياده البريطانيين بعد أن غدروا به ومنحوا فلسطينَ لليهود والشامَ للفرنسيين
فلماذا الإصرار على الوحدة الوطنية مع العلمانيين الرافضين للشريعة المتنازلين عن معظم فلسطين والقاتلين والمعذبين للمجاهدين والعاملين من خلال برنامج السي آي إيه والجنرال دايتون؟
ولماذا الإصرار على الوحدة الوطنية مع من سيخنق الجهاد ويطارد المجاهدين في غزة كما خنق الجهاد وطارد المجاهدين في الضفة ؟
ولماذا الإصرار على الوحدة الوطنية مع من لا يقبل إلا بحكومة تحترم وتخضع وترضخ للقرارات الدولية المُسلِّمة لفلسطين ؟
ثم ما هذه الوحدة الوطنية ؟ أصنمٌ هي يُعبد من دون الله ؟
إن الله لم يتعبدنا بالوحدة الوطنية ولكنه سبحانه تعبدنا بالوحدة مع أهل الإيمان والتقوى والجهاد يقول الحق سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
فأمرنا الله سبحانه وتعالى بالاعتصام بحبله الذي هو شرعه وتوحيده وليس بالدستور العلماني وبالشرعية الدولية
وفي المقابل ينهانا الله سبحانه وتعالى عن موالاة الإخوة والآباء والأبناء والأزواج والعشائر إن كانوا مخالفين ومعادين لدين الله فيقول سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ), ويقول عز من قائل: (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ), ويقول عز من قائل: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ * وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق